بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة اتحاد الأديان التوحيدية في مواجهة الظالمين
أنا سعيد لأن الجمهورية الإسلامية وفّرت لنا ولشعبنا بعض الفرص ومنها فرصة لقاء الشرائح والمذاهب والأديان المختلفة .. اننا نلتقي جميعاً تحت لواء التوحيد .. إيران للجميع، والتوحيد دين الجميع، والمبدأ والمعاد اعتقاد الجميع. ونحن أمة واحدة بهذه القواسم المشتركة. ومن الضروري أن نكون متواجدين في الساحة جميعاً فيما يتعلق بقضايا إيران، وان نكون يداً واحدة، لأن الآخرين يتطلعون للاعتداء علينا جميعاً سواء المسلمون أو اتباع الأديان الأخرى. إنهم يمارسون الظلم والجور بحق المسلمين والشعوب المظلومة، ولا بد لنا من توحيد مساعينا للعثور على سبيل يحول دون ظلم الطبقات المضطهدة في العالم.
إن الانبياء العظام- سلام الله عليهم- بدءً من آدم وانتهاء بالخاتم، والأنبياء أولي العزم، جميعهم بعثوا لنشر لواء التوحيد وتحقيق العدالة بين الشعوب. فالأنبياء جميعاً وعلى مرّ التاريخ، لم يبعثوا لتقديم النصح فقط، وانما بعثوا لتهذيب أخلاق الناس في القول والفعل .. بعثوا لتربية الإنسان وتنمية الخلق الإنساني لدى الناس، واتسام أفعالهم وأعمالهم بالقيم الإنسانية. وقد بذلوا كل ما في وسعهم في سبيل تحقيق ذلك دون أن تثنيهم الصعاب مهما بلغت. وما يثير الاستغراب هو أنه على الرغم من كل الجهود والمساعي التي بذلها الأنبياء على طريق تهذيب الناس واصلاحهم واثراء الجوانب المعنوية في حياتهم، غير أننا نرى أن الحكومات التي ظهرت على مرّ التاريخ سواء في الدول الإسلامية أو حكومات الأديان الأخرى، كانت في الغالب تعمل خلافاً لنهج الأنبياء.
وانتم اليوم ترون العالم يعاني من ويلات زعماء يدّعون الإيمان بالمسيحية واليهودية والإسلام .. إن الابتلاء الذي تعاني منه شعوب العالم اليوم على يد هؤلاء الزعماء كان قد ابتلى به الأنبياء أيضاً. فمثلما ابتلى الأنبياء منذ بداية الخليقة وحتى ختم النبوة، بمجموعة من الخونة عملوا بنحو سوّدوا به وجّه التاريخ؛ فإن أممهم اليوم مبتلية بزعماء يسوّدون وجه التاريخ أيضاً ويجعلون الأنبياء يطأطئون رؤوسهم أمام الله تبارك وتعالى- والعياذ بالله-. فتصوروا أنتم إذا جيء بنبي الإسلام وسئل عن أفعال هؤلاء الأفراد وهذه الحكومات التي تدعي الإسلام، فماذا سيكون جوابه؟ سيقول لقد بلّغت ولكنهم لم يسمعوا. ولو جيء بكل واحد من الأنبياء وسئل عما تفعله كل واحدة من هذه الحكومات التي تدعي المسيحية فماذا سيكون ردّه؟ انظروا إلى ما تفعله أميركا بالناس؟ أميركا التي تدعي المسيحية، أميركا التي تزعم انتسابها إلى السيد المسيح الذي كان كل وجوده روحانياً ويتطلع إلى جعل الناس روحانيين. إن عملها لا يختلف عن عمل المشركين. فأولئك الذين لم يكن يؤمنون بالمبدأ والمعاد أصلًا، لا يختلفون عن هؤلاء الزعماء الذين يدعون المسيحية واليهودية، بل إن هؤلاء يسحقون الشعوب المظلومة تحت أقدامهم. وأنتم اليوم ترون الصهيونية العالمية التي تدعي اليهودية واليهود يرفضونها، ماذا تفعل بالناس؟ وهكذا الذين يدعون الإسلام. فما يعانيه شعبنا المسلم اليوم على يد صدام، وما يعانيه الشعب المظلوم- المسيحي وغير المسيحي- على يد الصهاينة في لبنان وغيره، يسوّد وجه التاريخ.
ونحن الشعوب الذين نحيا جميعاً تحت لواء التوحيد، ما لم نتضامن فيما بيننا، وما لم نجتمع على مبدأ الإنسانية، وما لم نتحد فيما بيننا، ولا نتواجد في الساحة، فإننا لا نستطيع مقاومة سيل الكفر، هذا السيل المتدفق الذي هو في طريقه ليجرف العالم بأسره.
إن الذي مكّن إيران من الصمود والثبات خلال السنوات الأربع التي مرت، وساعد قواتنا في خوض الحرب وتحقيق الانتصارات المتتالية، انما هو وحدة أبناء الشعب وإيمانه بعدالة قضيته، واستعداده للصبر والتحمل.
الحكومة الإسلامية تحترم الأديان الإلهية
يجب أن تعلموا بأن الحكومة الإسلامية إذا ما عملت بواجباتها، فانها ستحترم كل الاقليات وجميع الأديان الرسمية في إيران. فمثلما تحترم فئات الشعب المسلم، فإنها تحترم الاقليات أيضاً. وليس هذا إلا لأن الإسلام يدعو إلى ذلك. وربما قرأتم في التاريخ، عندما غارت جيوش معاوية على الانبار وسلبت خلخال إحدى نساء أهل الذمة، فبلغ الإمام علياً ذلك، وكان خليفة المسلمين آنذاك، فقال: فلو أن امرءاً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً.
لا بد من تواجد الشعب الإيراني في الساحة وتضافر جهود الجميع للحفاظ على إيران، وإنقاذ البلدان الأخرى من الأسر الذي ترزح فيه- إن شاء الله-. فلو اجريتم مقارنة الآن بين نظام الجمهورية الإسلامية والأنظمة الأخرى القائمة في العالم، فستجدون أن حكومتنا وشعبنا حققا الكثير للمحرومين خلال هاتين السنتين مما لم يتحقق طوال عهدي الأب والإبن- رضا ومحمد رضا بهلوي- على الرغم من كل الضغوط الاقتصادية التي تمارسها الدول الكبرى ضدنا ورغم الحرب الظالمة التي فرضت على بلدنا وشعبنا .. كونوا على ثقة أن الحكومة الإسلامية تعمل على خدمة جميع فئات الشعب دون تمييز بين فئة وأخرى، لأن الإسلام يأمرنا بهذا، وطالما حافظ السادة على عهودهم للدولة الإسلامية، فنحن أيضاً ملتزمون بتعهدنا اتجاههم. وآمل أن يلتفت أبناء الشعب بمختلف طوائفه وقومياته، مسلمين وغير مسلمين، والاقليات المعترف بها رسمياً في الإسلام والدستور، آمل أن يلتفت الجميع إلى أن نصرنا رهن وحدتنا، نصرنا ونصركم منوطان بتواجدنا في الساحة، منوطان بنبذ الاختلافات وتوحيد الصفوف .. لا بد من العمل معاً بالنسبة للأمور المرتبطة بالحكومة والمجلس والدستور وان يكون أبناء الشعب كتلة واحدة.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج17، ص: 90