الحسد

ID: 83443 | Date: 2025/07/08

إنّ «الحسد» حالة نفسيّة يتمنّى صاحبها سلب الكمال والنّعمة التي يتصوّرها عند الآخرين، سواء أكان يملكها أم لا، وسواء أرادها لنفسه أم لم يردها. وهذا يختلف عن «الغبطة» لأنّ صاحب الغبطة يريد النعمة التي توجد لدى الغير، أن تكون لنفسه، من دون أن يتمنّى زوالها عن الغير. وأما قولنا: «النّعمة التي يتصوّرها عند الآخرين»، فنعني به أن تلك النعمة قد لا تكون بذاتها نعمة حقيقية. فلعلّ تبين أن الأمور التي تكون بعد زوالها من النقائص والرذائل، يتصورها الحسود من النعم والكمالات، فيتمنّى زوالها عن الآخرين. أو أن خطيئة تقدّم من النقائص للإنسان، ومن الكمال للحيوان، ويكون الحاسد في مرتبة حيوانية فيراها كمالاً، فيتمنّى زوالها. فهناك بين الناس، مثلاً، أشخاص يحسون الضيق في الصّدر بسفك الدماء وهیئة عظيمة. فإذا شاهدوا من هو كذلك حسدوه. أو قد يحسون بسلاطة اللسان و بذاءة في المقالة فيحسدون صاحبها لأنّ فطرتهم في معرفة هذه الحالة الإنسانية في الكمال، مردومة. فالحاسد لا يشعر بوجود النعمة نفسها، فيتمنّى زوال ما يرى في الآخرين نعمة حقيقية كانت أو موهومة ويتمنّى زوالها، بعد حسوداً.



أعلم أن للحسد أنواعاً ودرجات، حسب حال المحسود، وحسب حال الحاسد، وحسب حال الحسد ذاته.



أما من حيث حال المحسود، فمثل أن يحسد شخصاً لما له من كمالات عقلية، أو خصال حميدة، أو لما ينتهی به من الأعمال الصالحة والعبادية، أو لأمور خارجية أخرى، مثل امتلاكه المال، والجاه، والعظمة، والاحتشام، وما إلى ذلك. أو أن يحسد على ما يقابل هذه الحالات من حيث كونها من الكمال الموهوم الموجود في المحسود.


----------


القسم العربي، الشؤون الدولية، كتاب "الاربعون حديثاً"، تعريب: السيد محمد الغروي، ص ١٢٩.