هذا الشعب ناضل من اجل الإسلام..
إن هذا الشعب ناضل من اجل الإسلام. بيد أن الإسلام يشمل كل تلك المفاهيم التي يتصور العالم بأنه هو الذي ابدعها واطلق عليها لفظ الديمقراطية. الإسلام لديه كل هذه الافكار وان شعبنا ناضل من اجل تحقيقها.
ID: 37110
|
Date: 2024/01/23
فيما يلي هي المقابلة الصحفية لسماحة الامام (قدس سره)مع الصحفية الايطالية، اوريانا فالاجي، التي كانت لها ميول يسارية والتي توفيت عام 2006م على اثر مرض السرطان. بما ان اوريانا فالاجي، كانت لها انشطة كثيرة وطُبعت لها كتب عديدة، الّا انها اشتهرت بمقابلاتها الصحفية مع شخصيات مشهورة في العالم، مثل: الامام الخميني (قدس سره)، ياسر عرفات، اينديرا غاندي، ذوالفقار علي بوتو و..
فيما يلي نص المقابلة الصحفية التي اجرتها مع الامام الخميني (قدس سره)خلال الايام الاولى بعد انتصار الثورة الاسلامية:
سؤال: (أنا قبل كل شيء، أقدم التعازي والمواساة لكم بمناسبة وفاة المرحوم الطالقاني)
الجواب: ارجو لكم التوفيق ان شاء الله واشكركم لمواساتكم.
(أرجو من سماحة الإمام أن يجيب عن اسئلتي، التي ربما يبدو بعضها ساخراً والبعض الآخر مزعجاً، برحابة صدر مثلما هو أملي فيكم)
سماحة الإمام: إذا كانت اسئلتكم كثيرة فأنا ليس لدي الوقت الكافي. لتكن اسئلتكم عما ترونه مهماً اختصاراً للوقت.
سؤال: (سماحة الإمام الخميني! ايران اليوم تحت تصرفك وكلامك مسموع ومقبول ويصبح قانوناً في هذا البلد لأنه يكتسب طابعاً تنفيذياً. البعض يرى غياب الحرية في هذا البلد. بماذا تردون؟)
الإمام الخميني: إن ايران ليست تحت تصرفي، بل هي تحت تصرف الشعب. وإن الشعب يقف الى جوار من يخدمه ويرعى مصالحه وقد لاحظتم تشييع جنازة المرحوم السيد الطالقاني، فلم تكن هناك حربة تهددهم ولم يجبر أحد على المشاركة، إن الناس خرجوا الى الشوارع بارادتهم وحريتهم، وعمّ العزاء ايران بأسرها. وهذا لا يعني ان ثمة حرية خارجة عن القانون، فهذه ليست حرية. الحرية هي التي ترسخ حب الناس لبعضهم البعض، وتستند الى المبادئ الإلهية التي يؤمن بها الرجال الربانيون.
سؤال: (سبق لكم أن أعلنتم منذ فترة طويلة عندما كنتم في قم، وهي حقيقة، من أن عصرية الإنسان تتمثل في أن يتمكن من التفكير بحرية ويقرر بحرية ويختار بحرية ... كيف يمكن ان نقبل أن في بلدكم الآن من لا يستطيع أن يعبر عن رأيه بحرية ولا يسمح له بحرية البيان من التنظيمات اليسارية وبقية الفئات سواء السياسية أوالدينية أوالقومية)
الإمام الخميني: لقد تصورتم موضوعاً ما ثم تسألون عن أسبابه ... إن بلادنا تتمتع بحرية البيان والتعبير والفكر، ولا نسمح بالتآمر. إننا لا نسمح بالتواطؤ وبجر البلاد الى الفوضى والفساد تحت شعار الحرية. فلا توجد حرية بهذه الصورة في أي بلد من العالم. غيرأننا ندعو الى حرية الفكر وحرية التعبير ايضاً، وكان السيد بني صدر يدعو الشيوعيين ومن يخالفوننا بالرأي، للتعبيرعن أفكارهم وتوجهاتهم بحرية تامة. وهم الآن ومنذ خمسة اشهر يمارسون نشاطهم بحرية مطلقة دون أن يعترض عليهم أحد. ولكن علمنا مؤخراً بقيامهم بالتآمر والتواطؤ ضدنا وتنفيذ بعض الاعمال التخريبية، حيث اضرموا النيران في المحاصيل الزراعية وأحرقوا صناديق الاقتراع وحاولوا منع الناس من الادلاء بأصواتهم بقوة السلاح. وكانوا وراء الاحداث التي شهدتها كردستان وغيرها من المناطق. وإذا ما سكتنا عليهم سيتمادون في أعمالهم التخريبية.
وكما هو واضح ان الكثير من الدول التي شهدت ثورات وكانت تتبجح بمنحها الحريات كاملة، تصدت للذين تآمروا عليها باسم الحرية بشكل حازم.
نحن أمهلناهم خمسة اشهر واكثر، وقد برهنّا للناس والعالم بأن القضية ليست قضية حرية التعبير بل هي حرية التآمر. وحرية التآمر هذه لا يمكن أن يسمح بها في أي مكان من العالم.
سؤال: (طبعاً ثمة اسئلة تعرفونها مسبقاً لأنه سبق أن اثيرت من قبل الصحافيين .. فما هي دوافع اغلاق بعض الصحف المعارضة لاسيما صحيفة (آيندكان)؟)
الامام الخميني: ان صحيفة (آيندكان) كانت على ارتباط مع اعدائنا. كانت تتآمر ضدنا وعلى علاقة بالصهاينة. تأخذ التوجيهات منهم وتكتب ضد مصالح البلد. ولا يمكن التساهل مع الصحف التي تتآمر ضدنا، وقد قمنا باغلاقها كي تكون عبرة لغيرها. وقد اكتشف القضاء الخيانات التي تقوم بها هذه الصحف وكيف أنها كانت تستلهم توجهاتهم من الشاه ومن الاجهزة الصهيونية. وقد تم ايقاف نشاطها مؤقتاً ليتم التحقيق في ذلك. هذا ليس خلافاً للحرية. وإنما هو تصدي للتآمر ومثل هذا يحصل في مختلف انحاء العالم.
سؤال: (سماحة الإمام إن هؤلاء الذين يقفون في صف المعارضة، هم ممن شارك معظمهم في النضال ضد نظام الشاه وتحملوا العذاب. كيف يمكن أن لا يسمح لليساريين الذين ناضلوا كل هذا النضال وتحملوا الآلام، بممارسة نشاطهم؟)
الإمام الخميني: هذا غير صحيح، إن أياً منهم لم يخض النضال ولم يتألم، بل استغلوا معاناة الشعب وآلامه لخدمة مصالحهم والمتاجرة بها.
سؤال: (أعني الاحزاب والتنظيمات السياسية امثال حزب تودة، حزب فدائيان، ومنظمة المجاهدين)
الإمام الخميني: الاحزاب ايضاً كانت بهذا النحو، والتي لم تلجأ الى التآمر فهي تمارس نشاطها بحرية تامة .. ليس صحيحاً أنهم ناضلوا وتعذبوا جراء هذا النضال. إن أبناء الشعب هم الذين عانوا وتحملوا الآلام. إن عدداً كبيراً من هؤلاء كان خارج البلد والآن جاؤوا لقطف ثمار الثورة دون عناء. كما أن فئة اخرى منهم كانت متخفية داخل الجحور او في البيوت. وبعد ان ثار الشعب وتحمل الآلام وقدم الدماء وانجز كل شيء، جاء هؤلاء وبدأوا يستحوذون على الغنائم، ومع ذلك هم احرار ولم يتصدّ لهم أحد.
سؤال: (إنني أعني اليساريين الذين سجنوا وعذبوا على يد اعوان الشاه)
الإمام الخميني: لم يكن أي دور لهؤلاء في ثورتنا هذه. بل كانوا من المعارضين لنا. وان هذه الاحزاب الاربعة التي تعمل الآن ضدنا، كانت لها توجهات خاصة ولازالت مصرّة على نهجها. نهضتنا نهضة اسلامية، وكان اليساريون يعارضونها، حتى أن معارضتهم لها أشد من معارضة الشاه. كما أنهم متواطئون ويريدون اعادة الأمور الى سابق عهدها. وفي تصوري أن اليساريين مزيفون وهم ليسوا يساريين حقيقيين بل هؤلاء من صنع اميركا. بناء على ذلك فهم ليسوا كما تتصورين، ولم يكن لهم مساهمة في نهضتنا. لم يضطلع هؤلاء بأي دور في ثورتنا، وإذا ما كان لديهم تحرك ما فهو بدافع تحقيق اهدافهم ولا علاقة له بنهضتنا. لا علاقة لثورتنا باليساريين، واليساريون لم يقدموا أية خدمة لثورتنا. بل إن كل ما قاموا به هو اعاقة تحركنا والوقوف ضدنا. والآن ايضاً تحاك المؤامرات من قبل اليساريين، وهم يساريون مزيفون وليسوا يساريين حقيقيين.
سؤال: (سماحة الامام! هل يمكن ان توضحوا لنا بأن هذا الشعب ناضل من اجل الحرية او من اجل الإسلام؟)
الامام الخميني: إن هذا الشعب ناضل من اجل الإسلام. بيد أن الإسلام يشمل كل تلك المفاهيم التي يتصور العالم بأنه هو الذي ابدعها واطلق عليها لفظ الديمقراطية. الإسلام لديه كل هذه الافكار وان شعبنا ناضل من اجل تحقيقها.
سؤال: (عرفوا لنا الحرية ببساطة)
الامام الخميني: الحرية ليست موضوعاً ليكون لها تعريف. الناس احرار في معتقداتهم، ولا يلزمهم احد بالإيمان بعقيدة ما. كما أنه لا يستطيع احد إلزامك بسلوك طريق معين، او انتخاب شيء محدد، ولا حتى الاقامة في مكان ما واختيار عمل بعينه. فالحرية امر واضح وبيّن.
سؤال: (هل يتمتع الناس بالحرية الكافية التي تؤهلهم لاختيار النظام الذي يحكمهم؟ هل مثل هذه الحرية متوفرة للشعب؟)
الامام الخميني: انهم يستطيعون ان ينتخبوا من ينوب عنهم مثلما هو معمول به في العالم. وبوسع النائب المفوض من قبل الشعب اقرار الحكومة او رفضها .. الناس هم الذين ينتخبون رئيس الجمهورية، وهم الذين يحددون نوع النظام الذي يحكمهم.
سؤال: (سماحة الإمام! لماذا شطبتم منذ البداية كلمة الديمقراطية، وأصرّيتم على (الجمهورية الإسلامية) لا كلمة أكثر ولا كلمة أقل. هذه الكلمة غالية جداً وعزيزة علينا وأنتم شطبتموها، وهناك من يتحدث عن ذلك الآن في ايران)
الإمام الخميني: أجل، ثمة عدة قضايا بهذا الشأن. القضية الأولى هي ايجاد مثل هذا الوهم لدى الكثيرين من ان الإسلام يفتقر الى مثل هذه المفاهيم، لذا يجب استعارتها، ومثل هذا محزن بالنسبة لنا، لأننا نؤمن بأن الإسلام لديه من التعاليم ما يفوق هذه المفاهيم وهو يشتمل على كل شيء. هذا الأمر بالنسبة لنا مزعج ومؤلم جداً أن تجد من يفكر بهذا النحو، هذا أولًا، وثانياً: ان مصطلح الديمقراطية التي هي عندكم مهمة جداً، لا يوجد لها مفهوم واضح. أرسطو عرّفها بشكل، والسوفييت عرّفوها بشكل آخر، والرأسماليون بنحو ثالث. ونحن في دستورنا لا نستطيع أن ندخل لفظاً مبهماً كل واحد يفهمه مثلما يحب. نحن وضعنا الإسلام مكان الديمقراطية، لأن الإسلام يوضح ويبين ما هو الحد الوسط. وهو لا يخشى شيئاً. ولكن هؤلاء الذين يجهلون الإسلام، الاجانب الذين ليس لهم شأن بالإسلام، ومن في الداخل الذين لا يفقهون الإسلام، يتطلعون الى امور مبهمة من هذا القبيل.
اضرب لك مثلًا عن هذه الحرية والديمقراطية. موضوع ينقله لنا التاريخ إن الامام علي (ع) حينما كان أميراً وخليفة رسول الله وتمتد مساحة حكومته العملية والسياسية من الحجاز الى مصر، ومعظم اسيا تقريباً وقسم من اوروبا. إن هذا الشخص نفسه الذي كان حاكماً لمثل هذه الدولة الواسعة، وله مثل هذه القدرة، وكان القضاة يتم تعيينهم من قبله، حينما وقع خلاف بين هذا الحاكم- الامام علي (ع)- وبين يهودي، دعاه القاضي للنظر في قضيتهما. فذهب الإمام وجلس بين يدي القاضي، اراد القاضي اكرام الإمام وتجليله فرفض الامام، وبعد ذلك حكم القاضي ضده، وقبل الامام الحكم. ونظراً الى أن لديك اطلاعاً عن طبيعة الحكومات في العالم، فهل تجدين مثل هذا السلوك من الرجل الاول في الدولة، في أي نقطة من العالم؟ حدثينا عن مثال واحد بحيث يكون أجدر من ذلك لمفهوم الحرية.
سؤال: (كلا، ليس لديّ الآن مثل هذا النموذج اشير به عليكم، ولكن في المقابل انتم الآن قمتم بثورة ولازال هناك فقير وغني في بلدكم. وإن ثمة احزاب ديمقراطية إذا ما فشل احدها في كسب اصوات الشعب يستطيع ان يحل محله حزب آخر، مثلما هو الحال في انجلترا، حيث يتسلم السلطة حزب العمال حيناً وحزب المحافظين حيناً آخر. فهل تسمحون بمثل هذا الوضع في بلدكم، وهل تجد العدالة الاقتصادية طريقها الى النور؟)
الإمام الخميني: نحن الآن لدينا طفلٌ عمره ستة اشهر، وفي ظل الاوضاع المتردية والمعضلات التي عانت منها ايران طوال الخمسين سنة ونيف الماضية، ماذا تنتظرون من طفل عمره ستة اشهر كيف سيتعامل مع تخلف هو حصيلة اكثر من خمسين سنة في عصرنا و 2500 سنة من التاريخ؟ نحن الآن في اول الطريق وعلينا أن نصلح كل الدمار الذي نواجهه الآن، الدمار الذي خلّفه لنا النظام السابق. غير أننا بذلنا كل ما في وسعنا لاصلاح اوضاع الشعب. اصلاح اوضاع الزراعة والمعامل والمصانع وامثال ذلك. هل تنتظرون منا بأن نحقق في هذه الشهور القلائل او حتى عدة سنوات، الاستقرار والتقدم بحيث يعيش جميع أبناء شعبنا في رفاهية، وإن صلحت كل الأمور؟ ألا تحتاج الفوضى والدمار الذي فرضوه علينا، المزيد من الوقت لإعادة الأمور الى نصابها؟ نحن بحاجة الى بعض الوقت، ونطلب من هؤلاء الذين تسمينهم بالشيوعيين والديمقراطيين وامثالهم، ان يمنحوننا الفرصة لمعالجة اوضاع الشعب، وندير البلد كما يدعي هؤلاء. إن اقتصادنا الآن مدمر، فليدعوننا نعيد بنائه. ليس لدينا الفرصة الكافية والفوضى تعم البلاد، وان هؤلاء الذين تسمّينهم بالديمقراطيين والشيوعيين وراء تأجيج هذه الفوضى. أن نجتاز هذه المشاكل فالاحزاب حرة في ممارسة نشاطاتها. لأن الإسلام يدعو الى الحرية ولن يحد منها في أي وقت من الأوقات. ولكن ثمة فرقاً بين ممارسة الحرية وبين التآمر، ولا يسمح بالتآمر في أية نقطة من العالم.
سؤال: (حينما أنظر الى وجهك ألاحظ الهدوء والسكينة والوداعة. غير أن الإعلام صوّرك للعالم بشكل عنيف وخشن ومخيف. ألا تؤلمك هذه الصورة التي رسموها لكم؟ يطلقون عليك بدكتاتور ايران الجديد. ألا يؤلمك ذلك؟)
الإمام الخميني: بطبيعة الحال هو مؤلم من ناحية، لأنه يوضح مدى انتهاك اعدائنا للقيم الانسانية، ونحن نأسف لوجود فئة تتصرف بهذه الفظاعة والبشاعة بحق الانسانية. إننا ووفقاً للتعاليم الإسلامية، ينبغي لنا أن نتألم للعيوب التي يعاني منها بني الإنسان. هذا من جهة، ومن جهة اخرى إنني لا أرى أهمية تذكر لمثل هذه الأمور، لأننا نسير في طريق الحق، وبطبيعة الحال يتعارض مع توجهات القوى العظمى ومصالحها، لأنها لا تفكر بغير نهب ثروات الدول الأخرى. وأنا لا أتصور ان امثال هؤلاء سيقفون مكتوفي الايدي ينظرون الينا. وفي كل الاحوال علينا ألا نسمح لهم بتنفيذ مخططاتهم. طبعاً بالنسبة لنا ليس هذا بالشيء الجديد، وقد رأينا مثل هذه الاساليب من قبل. إن كل من يحاول أن يتصدى للطغاة الجبابرة ويفضح ممارساتهم يواجه بمثل هذه التهم. وبالنسبة لنا لا نتوقع غير ذلك من عملاء الشاه وأذناب القوى العظمى، وقد رأينا كيف أنهم كانوا يثيرون الاضطرابات والفتن داخل البلاد، وكيف أنهم كانوا يتهموننا في صحفهم بما يحلو لهم، ولاشك أنكم قرأتم في صحفهم بأن الخميني يأمر بقطع اثداء النساء في ايران!! طبعاً هم أعداؤنا وأنا آسف ومتألم لأن اعداءنا بهذه الدرجة من عدم الانصاف والممارسات غير الإنسانية.
سؤال: (هؤلاء الذين يؤيدونكم، وقد رأيتهم الآن أمام المنزل، وفي طهران ايضاً، يهتفون (الخميني .. الخميني). ان مثل هذه المواقف توحي للإنسان بأنها نابعة عن التعصب. ألا ترون ان هذا التعصب يشكل خطراً على نضج الانسان وتقدمه؟)
الإمام الخميني: هذا ليس تعصباً، بل هو حب للحرية. وكما تصطلحون عليه حب للديمقراطية. هم يشعرون بأننا نعمل من أجل مصالحهم ولا نفكر بظلم أحد. إننا لا نريد أن نظلمهم، ولا نريد أن نرغمهم على أداء عمل ما. هذا الإحساس الذي يراودهم نابع من الإسلام وهم يشعرون بأننا نتبع الإسلام ونطبق تعاليمه. وهو احساس موجود لدى الناس جميعاً. ويدرك الجميع بأن الإسلام نظام يتضمن العدالة ونحن نعمل من أجل العدالة ونريد تطبيقها. إن مثل هذه الأحاسيس ليست تعصباً او بعيدة عن المنطق. وأنا لم ولن أشعر بأي خطر تجاه ذلك.
سؤال: (هل ترى في ايران اليوم خطر الفاشية؟)
الإمام الخميني: لا، ابداً، لا يوجد مثل هذا الخطر طالما ان الشعب يتمسك بالإسلام ويقتفي اثره. إننا نسعى الى تأسيس حكومة اسلامية، ولا يوجد أي خوف، وسوف لن يكون هناك أي نوع من الاستبداد، ولا يترتب أي خطر على ذلك. بل سوف نكون في خطر حينما يتمكن الشيوعيون من التغلب علينا، وحينها تكون بداية المعاناة والمتاعب. أو يأتي نظام كنظام الشاه، فيشكل خطراً علينا. أما النظام الذي نتطلع اليه فهو الذي ينشده شعبنا وحينها لا يترتب عليه أي خطر.
سؤال: (إن العامل الشعبي والجماهيري يشكل جانباً قوياً في هذه الفاشية. في ايطاليا المكان الذي نعيش فيه، وفي المانيا، كان موسوليني وهتلر يعتمدان مثل هذه الأفكار. وهذا الخطر يهدد المجتمع البشري بالتدريج، ويمهد لبروز الدكتاتورية، وإن النظام الذي ينتج عنها يعتمد على الرأي العام بصورة مطلقة، غير أنه يمارس اعماله باستبداد مطلق)
الامام الخميني: إن مجتمعنا مجتمع مسلم، والتعاليم الإسلامية سائدة في حياة الناس. وإن القضايا الإسلامية تتمحور حول العدالة والحرية وارادة الإنسان، وقد آمن بها الناس وعملوا من اجلها .. أجل من الممكن- من الناحية العقلية- أن تتخلى هذه البلاد عن الإسلام وتلجأ الى الشيوعية. وإذا ما حدث مثل هذا فإن المسلمين سوف يتركون الإسلام ويصبحون شيوعيين. طبعاً إن مثل هذا الخطر كان يحدق بالإسلام في عهد الشاه. ولكن طالما ان شعبنا مسلم فلا خوف عليه، ولا يهدده مثل هذا الخطر مطلقاً.
سؤال: (المسألة الأخرى التي يطبّلون لها في الغرب كثيراً، هي مسألة الاعدامات، حيث يذكرون بأنه قد اعدم في ايران لحد الآن خمسمائة شخص، وقد نفذت المحاكمات دون ان يسمح لهم بتوكيل محامٍ للدفاع او استئناف الاحكام. هل انتم موافقون على ما يجري؟)
الإمام الخميني: أولًا إن الذين تم اعدامهم أقل من هذا العدد بكثير. وثانياً إن الغرب ربما يجهل حقيقة هؤلاء الاشخاص، أو أنه على اطلاع بجرائمهم إلّا أنه يتظاهر بتجاهلها. إن الكثير من هؤلاء الذين تم اعدامهم، ارتكبوا جرائم فظيعة بحق أبناء الشعب الابرياء، أو أمروا بارتكابها، ولم يكن هذا الأمر خافياً حتى يأتي هؤلاء ليتحدثوا عنه. كما أن المجرمين منحوا الفرصة الكافية للدفاع عن أنفسهم. فالذي يوجّه فوهات المدافع نحو التظاهرات السلمية ويقتل الشباب بكل قسوة، هل يحق له أن يتكلم. ولكن كما تعلمون هؤلاء الأعداء يكتبون ما يشاؤون ضدنا. ولكن الحقيقة غير ما يقولون.
إن الذين تم اعدامهم اقل من العدد الذي يذكر بكثير، فضلًا عن ان اعدامهم قد تم بعد اجراء محاكمة عادلة. إن كل واحد من هؤلاء المعدومين ارتكب عدداً لا يحصى من الجرائم من قتل وتعذيب واضطهاد وتشريد. حتى أنهم وضعوا بعض الاشخاص في المقلاة وأوصلوها بالكهرباء. حمصوهم في المقلاة. طبعاً لم يعدم من هؤلاء إلا من ثبتت جرائمه. ورغم ذلك يزعم الاعداء بأنه كان من حقهم الدفاع عن انفسهم ولم يمنحوهم فرصة توكيل محام. ولكن ماذا نفعل للاقلام المعادية التي تحاول تشويه صورتنا؟.
سؤال: (ماذا تقول عن الشاه؟ هل أمرتم بقتله في الخارج؟ وهل تتصورون بأن مثل هذا العمل ممكن؟)
الإمام الخميني: أنا لم آمر بذلك، بل أرغب في أن يأتي الى ايران لمحاكمته. لو كان بمقدوري لجئت به الى ايران ولأجرينا له محاكمة علنية على الظلم الذي مارسه طيلة الخمسين عاماً ونيف الماضية، وللخيانات التي ارتكبها. إنّ هذه الثروة التي سرقها وفر بها ستضيع إذا ما قتل، ولكن إذا حافظنا عليه وجئنا به الى ايران وحاكمناه، فمن الممكن ان تعود الثروة الى ايران.
سؤال: (هل تودون أن تمسكوا بالشاه وتأتون به الى ايران، على الطريقة التي تمت فيها اعتقال ايشمن ونقله الى اسرائيل؟)
الإمام الخميني: أنا أرغب أن يأتي الى ايران. أو يأتون به ونقوم بمحاكمته.
(الكلام موجه للمترجم): قولوا لها بأن المرحوم السيد حسن المدرس كان عدواً لدوداً للشاه، وفي احدى المرات كان رضا شاه عائداً من رحلة قام بها الى خارج البلاد، وقد التقاه المرحوم المدرس فقال له: لقد دعوت لك بالسلامة. ففرح الشاه كثيراً وقال كيف ان عدواً يدعو لي بالخير. فقال المدرس: إنك لو مت فإن الأموال التي سرقتها وأعطيتها للاجانب ستضيع منا. وأنا دعوت لك بالسلامة حتى تعود، لعلنا نستطيع استرجاع تلك الاموال. نحن ايضاً نقول هذا لأن الإبن (محمد) قد سرق الأموال وفرّ بها الى الخارج.
سؤال: (إذا أعاد الشاه الأموال، هل ستتركونه وشأنه؟)
الإمام الخميني: يتوقف ذلك على الخيانات التي ارتكبها. فإذا اعاد الأموال فلا شأن لنا به. ولكنه ارتكب خيانة بحق هذا الشعب، وهذا لا يمكن تعويضه ولا يمكن غض النظر عنه. كما أنه قام بخيانة الإسلام. وهذا ايضاً لا يمكن التكفير عنه. كذلك أمر بارتكاب مجازر جماعية في الخامس عشر من خرداد، وكما أخبرونا كان ذلك بأمر مباشر منه شخصياً. فهذه الامور ليست بالأمور التي يمكن ان تغفر له. لو أعادوا الشهداء الذين قتلهم في الخامس عشر من خرداد الى الحياة، فنحن سنصفح عنه.
سؤال: (تقصدون الشاه او كل افراد عائلته؟)
الإمام الخميني: كل الخونة، ولا يعني بالضرورة كل افراد اسرته. فمثلًا بوسع ولي العهد أن يعود ويعيش بصفته واحداً من افراد الشعب، هو لم يعمل شيئاً بالنسبة لنا، وسوف لا يتعرض له أحد. أما هؤلاء الذين أجرموا بحق الشعب كالشاه وشقيقته التوأم اشرف، فسوف تقتص العدالة منهم على قدر ما ارتكبوه من جرائم. والذي لم يرتكب أية خيانة لا شأن لنا به.
سؤال: (هل ارتكب ابنه شيئاً؟)
الإمام الخميني: يجب أن تنظر المحكمة في ذلك. فنحن الآن لا نعلم شيئاً.
سؤال: (لاشك أنكم تتمنون عودته ومحاكمته في ايران. وكونوا على اطمئنان ان الامر سيكون كذلك)
الامام الخميني: انها بمثابة امنية تقريباً.
سؤال: (اطمئنوا بأنكم لن تخسروا شيئاً، وسوف اعمل على دحض الدعايات التي يثيرونها ضدكم)
الإمام الخميني: تتصورين ذلك.
سؤال: (يقولون ان هؤلاء الذين أعدموا لم يكونوا جميعهم من رجال الحكم البائد او ممن كانوا يعملون في السافاك. وان من بينهم من ارتكب اللواط والزنا. طبعاً أنا حاولت الدفاع بأن الأمر ليس كما صوروه من أنها احكام متهورة. هؤلاء كانوا يسرقون الاطفال ويبيعونهم وامثال هذه الاعمال)
الإمام الخميني: أجل، لابد من معالجة أصل الموضوع وهو إذا نتن وتعفن احد اجزاء جسد الانسان، ماذا يجب أن نفعل من اجل اصلاح ذلك الجسد؟ هل ينبغي لنا السكوت كي يفسد الجسد كله؟ هذا أمر غير معقول، فلابد من قطع الجزء الفاسد لأنه سيؤدي الى الفساد والتعفن. أحيانأً بعض افراد المجتمع يقولون بأن الناس يجب أن يكونوا احراراً. المرأة يجب أن تكون حرة ويجب أن تتمتع بالحياة، هذا جيد جداً. فإذا كان هذا الهدف فلا بأس به، أما إذا كان الهدف الفساد حينئذ نقول: نحن لا نستطيع ان نقبل هذا الوضع، ولابد من المحافظة على المجتمع وسلامته. إننا نطبق تعاليم الإسلام كي يسلم المجتمع. إن الاعشاب الضارة التي تتلف وتدمر مزرعتنا علينا اجتثاثها، وهذا واجب على كل فرد يريد اصلاح مجتمعه. وأما الذين يريدون افساد المجتمع وتدميره وتحطيم شبابنا، وجرّ الفتيات الى الضياع، فنحن لا نستطيع ان نتحملهم والسكوت عليهم.
إننا نتطلع لما يصلح المجتمع. فالحقيقة هي أنكم حينما تلقون القبض على سارق وتحبسونه، لماذا لا تطلقون سراحه؟ حينما تلقون القبض على القاتل وتسجنونه واحياناً تقتصون منه، لماذا لا تطلقون سراحه كي يفعل ما يشاء؟ لماذا؟ الجواب لأن هذه الأمور تؤدي الى فساد المجتمع. فإذا ما تصدينا لما يؤدي الى الفساد سوف يصلح المجتمع. وهدفنا هو اصلاح المجتمع، وان احد سبل تحقيق ذلك يتمثل في قانون العقوبات.
سؤال: (افرضوا ان البعض مرضى ويمارسون اللواط على سبيل المثال، لماذا يجب اعدامهم؟)
الإمام الخميني: إنه منبع الفساد. ويجب القضاء على الفساد لاصلاح الآخرين.
سؤال: (يقال ان امرأة في الثامنة عشرة من عمرها كانت حاملًا، اعدمت بتهمة الزنا)
الإمام الخميني: هذا كذب، إن الإسلام لا يسمح بذلك. إنه من جملة الاتهامات التي توجه لنا.
سؤال: (الصحف هي التي تحدثت عن ذلك)
الإمام الخميني: ليس لي علم، نحن لا نعلم حيثيات القضية.
سؤال: (هل يعقل ان تخفي المرأة نفسها وراء هذا التشادور؟ المرأة التي شاركت في الثورة، وقتلت وعذبت وناضلت ودخلت السجون .. ان ارتداء التشادور عادة قديمة والعالم قد تغيرت اليوم. فهل يعقل أن تتوارى المرأة وراء هذا التشادور؟)
الإمام الخميني: أولًا إن المرأة مخيرة في ارتداء التشادور وقد اختارته بصورة طوعية، ولا يحق لك أن تسلبيهن هذا الاختيار. نحن إذا ما طلبنا من النساء الراغبات في ارتداء التشادور او الحجاب الإسلامي النزول الى الشوارع، فسوف تخرج ثلاثة وثلاثون مليوناً من خمسة وثلاثين مليون امرأة. فهل يحق لك الوقوف بوجههن؟ أي استبداد هذا الذي تنسبينه الى النساء؟ ثانياً نحن لا نحدد حجاباً بعينه. كما أن النساء اللواتي من عمرك، لا توجد أية حساسية بشأن حجابهن. ولكننا نتصدى للفتيات الشابات اللواتي يستخدمن المكياج المفرط ويخرجن الى الشوارع متبرجات حيث يلاحقهن افواج الشباب.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج10، ص: 78-70