دور ومنزلة قوات التعبئة الشعبية في رأي الامام الخميني
لقد أدرك الامام الخميني (قدس سره) ببصره الثاقب، الأخطار التي أحاطت بالثورة الإسلامية ، أبان إنتصارها و تكونت لديه ماهية اعداء الثورة و عمق مايضمروه تجاهها وانّ القوات المسلحة، آنذاك، لم تكن بالكامل مستورة بكافة صنوفها للدفاع عن الثورة الفتية، رغم أنّ غالبية تلك القوات من أبناء الشعب الذين قامت على اكتافهم أعمدة الثورة الإسلامية بقيادة الامام (قدس سره)، فرأى الامام، أن تكون في الساحة قوة أخرى، شعبية، مسلحة و عقائدية لإسناد و دعم القوات النظامية في المهمات التي توكلُ إليها، فأصدر أمراً بتشكيل قوات البسيج ، أي قوات التعبئة الشعبية و هكذا إنبثقت هذه القوات من أبناء الشعب، أصحاب الثورة، و قامت بلعب دور فعّال ومتميّز لا سيّما في الدفاع عن الثورة اللإسلامية المباركة و خاصة خلال الحرب المفروضة على ايران، و قدّمت شهداء و معوّقين كثيرين في هذا الطريق. و لازالت هذه القوات قائمة، ناشطة على قدم و ساق. و قدحظيت قوات التعبئة بإعجاب و تقدير قائد الثورة و مؤسس الجمهورية الإسلامية الامام الخميني (قدس سره) الذي جعل نفسه تعبويّاً و طمح لأن يكون بإخلاص و صفاء التعبويين و أن يحشر معهم و إفتخر بأنه تعبويّ في هذه الدنيا. ففي نداء صميمي وجهه سماحته إلى افراد التعبئة الشعبية يوم الثاني من شهر اذر عام 67(السنة الايرانية) قال فيه:
دور ومنزلة قوات التعبئة الشعبية
لا شك في أن تشكيل قوات التعبئة الشعبية في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان من البركات والألطاف الإلهية التي منّ بها الله سبحانه على الشعب العزيز والثورة الإسلامية الإيرانية.
في خضم الأحداث المختلفة التي اعقبت انتصار الثورة لا سيما الحرب، نهضت المؤسسات والفصائل المختلفة بمهمة الدفاع عن البلد وصيانة الثورة الإسلامية، متفانية في الإيثار والتضحية والإخلاص والاندفاع نحو الشهادة. ولكن إذا أردنا حقاً اعطاء مصداق متكامل للإيثار والتضحية والإخلاص والعشق للإسلام ولذات الحق المقدسة، فليس هناك أصدق من قوات التعبئة و التعبويين.. التعبئة شجرة طيبة ونافعة ومثمرة يفوح من براعمها عبير ربيع الوصال وطراوة اليقين وحديث العشق.. التعبئة مدرسة العشق ومذهب الشاهدين والشهداء المجهولين حيث رفع أبناؤه من فوق مآذنه الشامخة آذان الشهادة والهداية.. التعبئة ميقات الحفاة ومعراج الفكر الإسلامي الطاهر، حيث حصل المتربون في أحضانه على الاسم والشهرة في السرّ والخفاء.. التعبئة لواء الله المخلص الذي وقّع بيان تأسيسه جميع المجاهدين من الأولين إلى الآخرين..
إنني اتفاخر دائماً بإخلاص وصدق التعبويين وأطلب من الله تعالى أن يحشرني مع أحبائي التعبويين. فما افخر به في هذه الدنيا هو أني أحد التعبويين.. انني أقول مرة أخرى لأبناء الشعب الإيراني العظيم ولكافة المسؤولين، بانه لمن السذاجة حقاً أن نتصور بأن نهبة العالم لا سيما أميركا والاتحاد السوفيتي، كفوا أيديهم عنا وعن الإسلام العزيز.. يجب أن لا نغفل لحظة واحدة عن كيد الأعداء. فالحقد والعداء للإسلام المحمدي الأصيل – صلى الله عليه وآله وسلم – يموج في كيان وطباع أميركا والاتحاد السوفيتي.. لا بد من التسلح بسلاح الصبر والإيمان الفولاذي لتحطيم أمواج الأعاصير والفتن، والتصدي لسيل الآفات.
إن الشعب الذي يحث الخطى على نهج الإسلام المحمدي الأصيل – صلى الله عليه وآله – ويناهض الاستكبار وعبادة المال والتحجرو القداسة الزائفة، يجب أن يكون جميع أبنائه من التعبويين، وان يحرصوا على تعلّم فنون القتال، فالشعب العزيز والخالد هو الذي تتحلى الغالبية من أبنائه بالاستعداد العسكري المناسب لمواجهة المخاطر في اللحظات العصيبة...
....لقد برهنتم خلال الحرب المفروضة بأن الإسلام قادر على فتح العالم بالإدارة الصحيحة والجيدة. وعليه يجب أن تعلموا بأن مهمتكم لم تنتهِ بعد، الثورة الإسلامية العالمية بحاجة إلى تضحياتكم. وان بوسع المسؤولين – ومن خلال دعمكم ومساندتكم فقط – البرهنة لجميع المتعطشين للحقيقة والصدق، بأنه بالإمكان تحقيق الحياة الكريمة المقرونة بالسلام والحرية، بمعزل عن أميركا والاتحادالسوفيتي إن تواجدكم في ميادين الصراع يؤدي إلى اجتثاث الجذور المعادية للثورة في مختلف المجالات.
انني أقبل أياديكم فرداً فرداً انتم طلائع التحرر، وأعلم بأنه إذا ما غفل المسؤولون عنكم فسوف يصطلون بنار جهنم الإلهية.
اؤكد مرة أخرى، ان الغفلة عن تشكيل جيش العشرين مليون، ستقود للسقوط في شباك القوتين العظمتين.
إنني اتقدم بالشكر لكافة قوات التعبئه لا سيما قادتهم الأعزاء، ولن أنسى صالح الدعاء لأبناء الإسلام الأوفياء هؤلاء.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج21، ص: 178