في مطلع القرن العشرين، وفيما كان العالم الغربي يطوي جادة التطور والرقي مسرعاً، لم يجن الشعب الايراني من حكم الاسرة القاجارية خلال هذه الفترة، سوى الظلم والضياع. واستنادا لما يذكره المؤرخون واصحاب المذكرات، كانت المجاعة والقحط، والنهب والسلب، والاضطرابات وانعدام الأمن، وانعدام الصحة والسلامة، وفقدان المستلزمات الاولية للحياة، السمة الغالبة في حياة الشعب الايراني.
كما أن (الحركة الدستورية) كانت قد ضلت طريقها، نتيجة لمخططات عملاء الانجليز في البلاط القاجاري ودسائسهم، فضلا عن الصراعات الداخلية وخيانة جمع من المثقفين المتغربين. فعلى الرغم من ان علماء الدين كانوا في طليعة هذه الحركة إبان انطلاقتها، إلا أنه تم اقصائهم عن الساحة بمختلف أنواع الدسائس والاحابيل، وعاد الاستبداد ليلقي بظلاله من جديد على مناحي المجتمع. فكانت النـزعة العشائرية التي اتسمت بها الملكية القاجارية، وضعف رجالها وافتقارهم للمؤهلات والكفاءة؛ كانت وراء التدهور الاقتصادي والتدني الاجتماعي الذي شهدته ايران في هذه الفترة، مما شجع الخوانين والاشرار للعبث بمقدرات الناس وامن المجتمع.
في ظل هذه الاوضاع والاحوال، ومع شروق شمس اليوم الاول من شهر مهر عام 1281 شمسي، الموافق العشرين من جمادي الثاني 1320 للهجرة، وتزامنا مع ذكرى ولادة الصديقة الزهراء (سلام الله عليها)، بضعة الرسول الاكرم (ص)، ولد في مدينة خمين طفل قاد فيما بعد نهضة إلهية استطاعت أن تعيد للشعب الايراني عزته وكرامته وتمضي به قدماً على خطى الاسلام والتقدم والازدهار.
اطلق على هذا المولود، الذي رأى النور في السادس والعشرين من سبتمبر، وحيث مضى على ولادة السيد المسيح 1902 عاماً، اسم روح الله. ولا شك أن احداً لم يكن يعلم آنذاك، بأن هذا الطفل سيصبح الامام الخميني، المحي لدين الله، والذي إعاد الحياة للقيم الإلهية السامية في عصر كانت قد مسخت هذه القيم.