تطهير الظاهر رهين بتطهير الباطن ايضاً، فضلاً عن القذارات الباطنية ذاتها تعدّ السبب في الحرمان من السعادة ومنشأ (جهنم الاخلاق)، التي يقول عنها اهل المعرفه بانها اخطر من (جهنم الاعمال) واشد منها إحراقاً، والإشارات الى هذا المعنى كثيرة في الاخبار الماثورة عن اهل البيت العصمة (عليهم السلام) لذا وجب على السالك أن يبادر وبعد تطهير صفحة النفس من الاخلاق الفاسدة بماء العلم النافع والارتياض الشرعي الصالح الطاهر المطهر الى تطهير القلب (أم القرى) الذي تصلح بصلاحه الممالك كافّة وتفسد جميعها بفساده. فقذارات عالم القلب هي المنشأ لجميع القذارات، كالتعلق بغير الحق، وتوجه الى النفس والدنيا، مما يعدّ نتائج لحب الدنيا هو رأس كلّ خطيئة وحب الناس الذي هو أم الامراض كلها. فما دامت جذور هذين الحبين متغلغلة في قلب السالك، فلن يحصل فيه اثر لمحبة الله، ولن يجد سبيلاً الى المقصد والمقصود ، كما ان وجود بقايا من هذين الحبين في قلب السالك يجعل من سيره السالك سيراً الى الناس والى الدنيا والى الشيطان، وليس سيرا الى الله.
اذن، فلتطهر من حب الدنيا والناس هو في الحقيقة اول مراتب تطهير السلوك الى الله، وقابل هذا التطهير لا يعدّ السلوك سلوكا الى الله، واطلاق صفة السالك والسلوك انما يتم تسامحاً.
--------------
القسم العربي، الشؤون الدولية، آداب الصلاة، الامام الخميني (قدس سره)، مؤسسه تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره)، ص٨٩.