يقول أهل اللغة والتفسير: إن «الفطر» يعني «الخلق». وفي الصحاح: «الفَطرُ» بالكسر «الخَلْقُ». ويمكن أن تكون الكلمة مأخوذة من «فَطَرَ» أي «شقّ وفتح»، كأن الخلق شبيه بشقّ حجاب العدم والغيـب. وبهذا المعنى يكون «إفطار» الصائم، كأنه يخرق استمرارية الإمساك المتصل.
على كل حال، البحث اللغوي خارج عن نطاق بحثنا. إنما هذا الحديث الشريف إشارة إلى الآية المباركة في سورة الروم: «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا». ونشير إلى صورة إجمالية لهذه الفطرة، وكيفيتها، وكيفية بيان الناس على فطرة التوحيد، ضمن عدد فصول ومقامات.
في معنى الفطرة
اعلم أن المقصود من «فِطْرَةِ اللهِ» التي فطر الناس عليها هو الحال، والكيفية التي خُلق الناس وهم متصفون بها، والتي تعد من لوازم وجودهم. ولذلك «تفطرت» طبائعهم بها في أصل الخلق. والفطرة الإلهية، كما سيتبين فيما بعد، من الألطاف التي خَصّ الله تعالى بها الإنسان من بين جميع المخلوقات. إذ إن الموجودات الأخرى غير الإنسان إما أنها لا تمتلك مثل هذه الفطرة المذكورة، وإما أن لها حظاً ضئيلاً منها.
---------------
القسم العربي، الشؤون الدولية، كتاب: الاربعون حديثاً، تعريب: السيد محمد الغروي، ص 205.