في الجلسة التمهيدية الثانية للمؤتمر الدولي بعنوان «التطور في دور ومكانة المرأة في ضوء أفكار الإمام الخميني (قده)»، التي انعقدت بحضور الدكتورة فاطمة طباطبائي، وحجّت الإسلام والمسلمين علي كمساري، وحجّت الإسلام والمسلمين محمد مقدم في کلیة الإمام الخميني والثورة الإسلامية للابحاث:
قالت الدكتورة فاطمة طباطبائي في مداخلتها مع التأكيد على أن فكر الإمام الخميني (قده) يجب أن يظهر ويتجلى في نسيج المجتمع، إنه قبل الثورة كان الفقهاء يختلفون في آرائهم حول قيادة المرأة للسيارة، لكن الإمام فتح المجال أمام قيادة المرأة. وأضافت: في فكر الإمام أُشير إلى مواقع اجتماعية أخرى للنساء، ويجب أن تُناقش تلك المواقع بصورة نقدية. كانت مكانة المرأة عند الإمام عالية إلى حد أنه لم يرَ تخصيص يوم واحد لهن كافياً.
وأكدت رئيسة الجمعية العلمية للعرفان الإسلامي – ولسوء الحظ – بعد سنوات عديدة لا زالت هناك نقاشات حول ما إذا كانت بعض أفكار الإمام حول النساء هي أفكار فقهية أو سياسية. على كل حال، هناك فجوة عميقة بين أفكار الإمام المتعلقة بالنساء وما تجلّى منها داخل المجتمع. ربما يستغرق الأمر سنوات حتى تدخل هذه الأفكار إلى المجالات الاجتماعية والسياسية.
من جانبه، أشار حجّت الإسلام والمسلمين علي كمساري إلى أن هذه الجلسات التمهيدية تقترب من تحقيق أهدافها، وقال: «استراتيجيتنا الأساسية في مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني (قده) هي شرح الأبعاد الفكرية والنظرية لفكر الإمام حول النساء». وأضاف: «نأمل أن يتوسع تفسير أفكار الإمام في كلية الإمام الخميني والثورة الإسلامية للابحاث أكثر من ذلك».
كما أضاف: نأمل أن نستطيع تطبيق الفكر الأقرب إلى وجهات نظر الإمام في مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام.
أما السيد منصور انصاري فقال في هذه الجلسة مبيّنًا أن الفلسفة الغربية لا تعطي أي أهمية حقيقية للمرأة. وأضاف: إن تيارات فكرية تظهر ونحن نرد عليها، وهذا الأمر يجعلنا دائمًا في موقف الدفاع الفكري. أما الفلسفة الغربية فهي ضد المرأة بشدة، وأشهر علماء الغرب مثل أرسطو وأفلاطون لم يعترفوا بمكانة مستقلة للمرأة. هذه الفلسفة لا تزال قوية في الغرب ولم تجد حلاً لمفارقاتها الثنائية.
وأوضح انصاري: إذا نظرنا إلى ملا صدرا، حكيم سبزواري، ابن سينا، وفارابي، نجد فيهم تقريبًا نفس النظرة الأرسطية. ابن عربي هو من القلائل الذين أشاروا إلى أن الإنسان لا يُعرّف على أساس الجنس، وأعتقد أننا نستطيع تتبع هذا الفكر من ابن عربي حتى الإمام. لولا هذا التحوّل في الفقه التقليدي، لما رأينا الحضور الاجتماعي للنساء بعد الثورة. حتى حركة «زن، زندگی» (المرأة، الحياة) هي إحدى نتائج دخول المرأة في المجال الاجتماعي.
وفي نفس الجلسة، تحدث سيد صادق حقيقت عن موضوع «إعادة قراءة الدور الاجتماعي والسياسي للمرأة من منظور المفكرين الإسلاميين». قال: إن عبارة ملا صدرا حول مكانة المرأة مبهمة، وهي من تصوّر يعود إلى 500 عام، ويبدو أن ما قاله متناسب مع المعايير الزمنية في عصره. وذكر أن آية الله سيد حسن مدرس في عهد الدستور كان معارضًا لمنح المرأة حق التصويت. لكن من المثير أن المرأة الفرنسية حصلت على حق التصويت بعد سبع سنوات من استشهاد مدرس، وفي سويسرا ظهرت قضية التصويت للنساء بعد تسع سنوات من إيران.
وأكد الأستاذ في جامعة مفيد في قم أنه يجب أن ننظر إلى القضايا الجديدة وفق مقتضيات العصر الجديد. وأضاف: الإمام الخميني (قده) لم يكن يعارض حق التصويت للنساء أساسًا، لكن كان يعارض الثقافة الغربية والثقافة الشاهنشاهية التي أُدخلت على هذا الموضوع؛ أي أن الفتوى لم تُحوَّل في هذا المجال. في عام 1341 هـ ش (السنة الفارسية) صدرت فتوى بالموافقة على حق التصويت للنساء، وعندما اختفت الضغوط السياسية والاجتماعية في عام 1356 هـ ش، رجعت الفتوى إلى مكانها الأصلي.
وأخيرًا، قال محمد محمودي كيا في الجلسة: إن فطنة الإمام كانت في تغيير النظرة السائدة إلى المرأة. العديد من المفكرين الغربيين والإسلاميين كانوا ينظرون إلى المرأة نظرة «أنثوية» أو «موضوعية»، لكن الإمام لم يقبل أبدًا النظرة التقليدية التي طرحها المفكرون الغربيون والإسلاميون تجاه المرأة. وأضاف: هذا الفكر كان موجودًا في الإمام منذ أيام نهضته، لكنه بقي ضمن إطار الفكر التقليدي. وعندما اندلعت الثورة الإسلامية وبعدها، تجلّى فكر الإمام تجاه المرأة على نحو أوسع. فالإمام لم يكن يبحث عن ثورة فقهية وإنما عن ثورة اجتماعية في قضية المرأة.
وتابع: في مجال الحكم، كان الإمام ينظر إلى المرأة نظرة ثورية، معتبرًا إياها فاعلة سياسيًا واجتماعيًا ومربية للإنسان. وذكر مقولة الإمام الشهيرة «من حضن المرأة، يصعد الرجل إلى المعراج». الإمام كان يمنح المرأة حق الاختيار، والحق السياسي، وحق التأثير في مصيرها.
------------
القسم العربي، الشؤون الدولية، نقلا عن (جماران) بتعريب وتصرف.